هذه خطبة مكتوبة عن الصدقة وفضلها في الإسلام تكلمنا فيها عن جزاء الصدقة والمتصدقين وتكلمنا عن آداب الصدقة في الإسلام
الحمد لله رب العالمين والصلاه والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين وبعد؛
الصدقة وفضلها وجزاء المتصدقين في الإسلام:-
عباد الله إن الله قد أنزل علينا نعمه سبحانه بكرمه وفضله ولاكن اختبرنا بها سبحانه وتعالي فربما يعطيك الصحه ويختبرك فيها هل ستؤدي شكرها وتطيع الله بها أو هل ستعصي الله تعالى بهذه الصحة وربما يعطيك الأولاد ويختبرك بهؤلاء الأولاد هل ستكون راعيا لهم وربما يعطيك المال ويختبرك بهذا المال علي ستعطي حق الله فيه أم ستكون بخيلا بهذا المال أم هل ستنفق منه وتخرج حق الله فيه فالاختبارات كثيرة ولاكن الكيس الفطن من ينظر إلي نعم الله التي أنعم بها عليه ويعرف مراد الله منها .
وما سنتكلم عنه اليوم هو الصدقه وجزاء المتصدقين في الإسلام وقد رأينا في القرآن والسنه جزاء المتصدقين والمنفقين وكيف وصفهم الله تعالي
الاول / وصف الله المتصدقين بأنهم من المتقين فقد قال تعالى “الم (1) ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ (2) الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ(3). البقرة
ووصفهم بأنهم من المحسنين قال تعالى “وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (133) الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (134). آل عمران
الثاني/من جزاء المتصدقين أن الله يخلف عليهم بالخير والخلف الصالح فكما أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه لنا سيدنا أبي هريرة قال: قال رسول الله “ما من يوم يصبح العباد فيه إلا وملكان ينزلان فيقول أحدهما: اللهم أعط منفقاً خلفاً، ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكاً تلفاً” فالله يعطي المتفق خلفا والممسك تلفا ودعاء الملائكة مستجاب .
الثالث/ من جزاء المتصدقين أن الله يخلف عليهم بالبركة في المال والعمر فعن أبي هريرة (رضي الله عنه) أن رسولَ الله (صلي الله عليه وسلم) قال: ” من أحَبَّ أن يُبسَطَ له في رزقِه، ويُنسأ له في أثرِه؛ فلْيَصِلْ رَحِمَه) . فمن أحب البركة وزيادة العمر فعليه بصلة الرحم والتصدق عليهم إن كانوا محتاجين.
الرابع/ من جزاء المتصدقين -تيسير الله عليهم في الآخرة وتيسير اهوال وكرب يوم القيامه عليه :
فعن أبي هريرة قال قال رسول الله : من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه ….” فيا من ترجوا النجاة يوم القيامة فعليك بالتصدق .
الخامس /من جزاء الصدقة أنها سبب لخول الجنة:
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله : ” من أصبح منكم اليوم صائما؟ ” قال أبو بكر: أنا قال: ” فمن تبع منكم اليوم جنازة؟ ” قال أبو بكر: أنا. قال: ” فمن أطعم منكم اليوم مسكينا؟ ” قال أبو بكر: أنا. قال: ” فمن عاد منكم اليوم مريضا؟ “. قال أبو بكر: أنا. فقال رسول الله : ” ما اجتمعن في امرئ إلا دخل الجنة ” فمن إجتمع فيه الأشياء السابقه ومنهم التصدق كان ذلك سبباً في دخول الجنه .
السادس/من جزاء الصدقة أن المرء يوم القيامة يكون في ظل صدقته فعَن عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ يَقُولُ: ” كُلُّ امْرِئٍ في ظِلِّ صَدَقَتِهِ حَتَّى يُفْصَلَ بَيْنَ النَّاسِ ” أَوْ قَالَ: ” حَتَّى يُحْكَمَ بَيْنَ النَّاسِ ” فالمرء يكون في ظلها يوم القيامه حتي يقضي بين الناس ويحكم بينهم .
السابع/من جزاء الصدقة أنها تكون سبباً في طهارة المال والنفس كما أخبرنا الله تعالي في كتابه العزيز ـ: ” خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا……”سورة التوبة. فيا من أردت طهارة نفسك ومال فعليك بالصدقة.
الثامن / من جزاء الصدقه أنها لا تنقص المال بل تزيده قال تعالى ” ما عندكم ينفد وما عند الله باق” النحل. فالذي تنفقه هو الباقي عند الله تعالي والذي يبقي لك يوم القيامة
وعن السيدة عائشة رضي الله عنها أنهم ذبحوا شاة فقال النبي : ” ما بقي منها؟ ” قالت: ما بقي منها إلا كتفها قال: ” بقي كلها غير كتفها ” .
التاسع/ أن الصدقة برهان فعن أبي مالك الأشعري قال قال رسول الله : ” الطهور شطر الإيمان والحمد لله تملأ الميزان وسبحان الله والحمد لله تملآن -أو تملأ -ما بين السماوات والأرض والصلاة نور والصدقة برهان والصبر ضياء والقرآن حجة لك أو عليك كل الناس يغدو فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها “
العاشر/من جزاء المتصدقين أن المتصدق يوم القيامه يكون في ظل عرش الرحمن ويكون من السبعةالذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ” سبعة يظلهم الله تعالى في ظله يوم لا ظل إلا ظله إمام عادل وشاب نشأ في عبادة الله ورجل قلبه معلق بالمسجد ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال إني أخاف الله ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه”
الحادي عشر/من جزاء المتصدقين أن الصدقة تطفئ غضب الله عزوجل فعن أبي أمامة قال قال رسول الله : صنائع المعروف تقي مصارع السوء وصدقة السر تطفئ غضب الرب وصلة الرحم تزيد في العمر “
الثاني عشر /من جزاء المتصدقين أن صدقتهم تكون سبباً في الوقاية لهم من النار يوم القيامة فعن عدي بن حاتم قال: قال رسول الله : ” ما منكم أحد إلا سيكلمه ربه ليس بينه وبينه ترجمان ولا حجاب يحجبه فينظر أيمن منه فلا يرى إلا ما قدم من عمله وينظر أشأم منه فلا يرى إلا ما قدم وينظر بين يديه فلا يرى إلا النار تلقاء وجهه فاتقوا النار ولو بشق تمرة” فالصدقة ولو كانت قليلة تكون سبباً في الوقاية من النار يوم القيامة.
الثالث عشر /من جزاء المتصدقين أن الصدقة تكون سبباً في دخولهم الجنه يوم القيامه من باب الصدقه كما أخبرنا الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم فعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « مَنْ أَنْفَقَ زَوْجَيْنِ فِى سَبِيلِ اللَّهِ نُودِىَ فِى الْجَنَّةِ يَا عَبْدَ اللَّهِ هَذَا خَيْرٌ. فَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّلاَةِ دُعِىَ مِنْ بَابِ الصَّلاَةِ وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجِهَادِ دُعِىَ مِنْ بَابِ الْجِهَادِ وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّدَقَةِ دُعِىَ مِنْ بَابِ الصَّدَقَةِ وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصِّيَامِ دُعِىَ مِنْ بَابِ الرَّيَّانِ ». قَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا عَلَى أَحَدٍ يُدْعَى مِنْ تِلْكَ الأَبْوَابِ مِنْ ضَرُورَةٍ فَهَلْ يُدْعَى أَحَدٌ مِنْ تِلْكَ الأَبْوَابِ كُلِّهَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « نَعَمْ وَأَرْجُو أَنْ تَكُونَ مِنْهُمْ ». فيا من أردت أن تنادي من أبواب الجنان ساره الي الخيرات لعلك أن تفوز في يوم الجائزة.
الرابع عشر/أن الصدقة تكون سببا في ولاية الله لعبده ورعايته وكفالته فهناك قصة أخبرنا بها النبي صلى الله عليه وسلم تدل علي أن المتصدقين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون في هذه الدنيا فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ بَيْنَا رَجُلٌ بِفَلَاةٍ مِنَ الْأَرْضِ فَسَمِعَ صَوْتًا فِي سَحَابَةٍ: اسْقِ حَدِيقَةَ فُلَانٍ، فَتَنَحَّى ذَلِكَ السَّحَابُ فَأَفْرَغَ مَاءَهُ فِي حَرَّةٍ فَإِذَا شَرْجَةٌ مِنْ تِلْكَ الشِّرَاجِ قَدِ اسْتَوْعَبَتْ ذَلِكَ الْمَاءَ كُلَّهُ فَتَتَبَّعَ الْمَاءَ فَإِذَا رَجُلٌ قَائِمٌ فِي حَدِيقَتِهِ يُحَوِّلُ الْمَاءَ بِمِسْحَاتِهِ فَقَالَ لَهُ يَا عَبْدَ اللَّهِ مَا اسْمُكَ قَالَ فُلَانٌ لِلِاسْمِ الَّذِي سَمِعَ فِي السَّحَابَةِ فَقَالَ لَهُ يَا عَبْدَ اللَّهِ لِمَ تَسْأَلُنِي عَنِ اسْمِي فَقَالَ إِنِّي سَمِعْتُ صَوْتًا فِي السَّحَابِ الَّذِي هَذَا مَاؤُهُ يَقُولُ اسْقِ حَدِيقَةَ فُلَانٍ لِاسْمِكَ فَمَا تَصْنَعُ فِيهَا قَالَ أَمَا إِذْ قُلْتَ هَذَا فَإِنِّي أَنْظُرُ إِلَى مَا يَخْرُجُ
مِنْهَا فَأَتَصَدَّقُ بِثُلُثِهِ وَآكُلُ أَنَا وَعِيَالِي ثُلُثًا وَأَرُدُّ فِيهَا ثُلُثَهُ” ()
والحرة : أرض بها حجارة سوداء كثيرة ، والمسحاة : أداة القشر والجرف المصنوعة من الحديد
والشرجة : مسيل الماء .
فيا رب نسألك رعايتك وكفالتك وألا تكلنا لغيرك يارب العالمين اقول قولي هذا واستغفر الله العظيم لي ولكم.
الخطبة الثانية
الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على الحبيب المصطفى وعلي آله ال الصحب والوفي وكل من كان علي الأثر قد اقتفي الحمد لله والصلاه والسلام على من لا نبي بعده نبينا محمد وعلي آله وصحبه وسلم .
آداب الصدقة في الإسلام:-
أولا /إخلاص العمل لله عزوجل فلا ينفق لكي يقال منفق فيجب أن يفعل الخير من أجل الله عزوجل قال الله تعالى:” وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً * إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلا شُكُوراً إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْماً عَبُوساً قَمْطَرِيراً فَوَقَاهُمْ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً ” سورة الإنسان
بل أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم أن أول من تسعر بهم النار يوم القيامة ثلاثة منفق وعالم أو قارئ للقران ومجاهد في سبيل الله فعن أبي هريرة أنه قال: سمعت رسول الله يقول: (إن أول الناس يقضي عليه يوم القيامة ثلاثة. قال: ” رجل وسع الله عليه وأعطاه من أصناف المال كله، فأتى به فعرفه نعمه فعرفها، قال: فما عملت فيها؟ قال: ما تركت من سبيل تحب أن ينفق فيها إلا أنفقت فيها لك، قال: كذبت ولكنك فعلت ليقال جواد، فقد قيل، فسحب على وجهه، ثم ألقي في النار) .
فهم مع عظم الأعمال التي كانوا يعملونها إلا أنهم عندما لم يخلصوها لله عزوجل إلا أنها كانت سبب هلاكهم في الآخرة فنسأل الله السلامة اللهم امين.
ثانيا /من آداب الصدقة في الإسلام أن لا يكون فيها لا من ولا اذي لكي يقبلها الله عزوجل منك قال الله تعالى(يا أيها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى كالذي ينفق ما له رياء الناس ولا يؤمن بالله واليوم الآخر فمثله كمثل صفوان عليه تراب فأصابه تراب فأصابه وابل فتركه صلداً لا يقدرون على شيء مما كسبوا والله لا يهدي القوم الكافرين). سورة البقرة آية 264 وإذا قرأت تفسير هذه الآية للعلماء وجدت فيها فوائد عظيمه لذلك انصحك بالرجوع إلي تفسيرها ستجد فيها فوائد عظيمه.
ثالثاً/أن تتصدق من مال طيب وحلال لا يدخل في أي شائبة أو حرام فلا تكن مثل الشخص الذي كان يقول سأسرق ثم أتصدق بجزء من هذه السرقه لكي يغفر الله لي فهذه الصدقه بهذا الشكل لا يقبلها الله
قال تعالى “يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون ولستم بآخذيه إلا أن تغمضوا فيه وأعلموا أن الله غني حميد”
وقال صلي الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه لنا سيدنا أبو هريرة رضي الله عنه: قال رسول الله : ” إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال: (يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا) وقال: (يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم) ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء: يا رب يا رب ومطعمه
حرام ومشربه حرام وملبسه حرام وغذي بالحرام فأنى يستجاب لذلك؟ “
لذلك لا تنفق الا طيبا لكي يقبله الله عزوجل منك فابتعد عن الحرام والربا والمال المأكول بغير حق فالله لا يقبل هذا المال .
رابعاً/من آداب الصدقة أن تخرج المال عن طيب نفس ليس خجلا من أحد أو رياء لأحد فهذا من آداب الصدقة في الإسلام.
خامساً/ أن تعطي الصدقه لمن يستحقها ليس مجاملة لأحد أو فلان أو علان أو أي أحد لا يستحقها الله قال في كتابه العزيز
” إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (60) التوبة.
فالله حدد من يأخذ الصدقات والزكاة فإن اعطيتها لقريب محتاج فإنك بذلك تأخذ أجرين أجر الصدقة وأجر الصلة .
فندعوا الله تعالى أن يجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه وأن يجعلنا من الذين اهتدوا بهدي الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم.
الدعاء وأقم الصلاة،،،،،،،،،،،،،،،،،
التعليقات مغلقة.